الثلاثاء، 13 مايو 2008

فلسطين.. الواجب والدور



بقلم: وليد شلبي
ما يحدث في فلسطين منذ نشأة الاحتلال- وليس الآن فقط- يدعو كلَّ مسلم غيور مخلص لدينه للتساؤل عن دوره وواجبه تجاه هذه القضية وهذا الشعب المسلم، فهي قضية عقائدية بالمقام الأول بالنسبة لنا كمسلمين، فالمسلم يتعبَّد إلى الله سبحانه بالاهتمام بهذه القضية والتفاعل والتعامل معها.

لذا فليس غريبًا أن نجدَ هذا التفاعلَ الكبيرَ من الشعوب؛ لأنها تتحرَّك بوازعٍ من عقيدتِها وإيمانِها بربِّها وابتغاءِ مرضاتِه.. ويبقى السؤال الأهم: ما دورنا تجاه هذه القضية حتى نكون عمليين وواقعيين ولنقدم لهم الدعمَ الحقيقيَّ والواقعيَّ لنصرتهم وللإعذار أمام الله سبحانه؟!!

أولاً: التأكيد على إسلامية القضية: وأنها صراعٌ عقائديٌّ في المقام الأول، فاليهود يعتبرون فلسطين أرضَ الميعاد، ونحن المسلمين نعتبرها أرضًا مقدسةً ووقفًا لنا، ولا يجوز لأي فردٍ كائنًا من كان أن يتنازلَ عن شبرٍ منها، كما أننا نعتقد أنه بتمسكنا بفلسطين وأهلنا فيها إنما نتقرَّب إلى الله، ونأمل منه المثوبة والرضوان، ولا نفعل ذلك لأي سبب مادي دنيوي ضيق زائل.

ثانيًا: استشعار أهمية وخطورة القضية: فلا بد أن ندركَ أن أرضَ الإسراء في خطرٍ بالغٍ، وأنها هي البداية لاستكمال أسطورة "إسرائيل" الكبرى، ولا بد أن يكون ماثلاً أمام ناظرَيْنا المثل العربي القديم: "أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ"، وأن الصهاينة لم ولن يكونوا في يومٍ من الأيامِ دعاةَ سلامٍ وأمان، وفي التاريخ من الأحداث والعبر ما يؤكد هذا منذ قَتْلِهِمُ الأنبياءَ قديمًا وحتى الأطفال حديثًا.

ثالثًا: الدعم المالي والمعنوي: فعلينا أن نقدِّمَ كلَّ ما نستطيع من جهدٍ وطاقةٍ ومالٍ لنصرة فلسطين وأهلها؛ تقربًا وطاعةًَ لله عز وجل، وعدم الركون إلى الدنيا والشح المطاع، وأن نعتبر أن هذا جزءٌ من جهادنا بالمال، ولا نقصر التبرع على المبالغ الكبيرة وحسب، ولكن لو بقرش نتبرع به؛ "فرُّب درهم يسبق ألف درهم"، ولا ينبغي أن يقتصرَ دورُنا على التبرع فقط؛ ولكن أيضًا نحثُّ غيرنا على التبرع، فالدال على الخيرِ كفاعله.

ومعنويًّا نحن في حاجةٍ لإشعار إخواننا في فلسطين أنهم ليسوا وحدَهم في صراعِهم مع اليهود، وإنما نحن من خلفهم ندعمهم بكلِّ ما نستطيع وما نملك من وسائلَ لنكون داعمين لهم في جهادِهم الطويل والمرير مع الصهاينة.

رابعًا: تربية أبنائنا على معرفة أبعاد القضية: فلا بد أن نربِّيَ أبناءَنا على معرفةِ كافة أبعاد وحقائق القضية الفلسطينية؛ حتى ينشأوا منذ نعومةِ أظفارهم على هذا الفهم، ولينموَ ويكبرَ معهم شعورُهم بحقِّهم في هذه الأرض المقدسة، وحتى لا تضيعَ هذه القضية في غياهبِ السنين كما يريد لها الصهاينة الغاصبون فلا بد للقضية الفلسطينية أن تظلَّ حاضرةً في ذَهْنِ أبنائنا منذ الصغر حتى تحرَّرَ الأرض بإذن الله أو يورثوها لأبنائهم.

وكذلك لن ننسى أن نربِّيَ أبناءَنا على معرفةِ التاريخ الدامي للصهاينة مع إخواننا في فلسطين وتعريفهم بكلِّ جرائمهم البشعة قديمًا وحديثًا حتى تعرفَ الأجيال مدى بشاعةِ وجرم اليهود عبر العصور المخلتفة.

خامسًا: الإفادة من وسائل الإعلام: فإذا كان اليهود يسيطرون على الإعلام العالمي، ويسوقون لأهدافهم ويبررون جرائمهم، فنحن لسنا بأقلَّ منهم في ذلك، فعلينا الإفادة من كل وسائل الإعلام المتاحة لنا داخليًّا وخارجيًّا، وإن صعُب علينا الإفادة من وسائل الإعلام الخارجية بالصورة المطلوبة، فلا أقل من أن نتعاملَ بجدية مع وسائل الإعلام العربية، وإظهار الدور المطلوب، ودعم القضية الفلسطينية بكلِّ ما هو متاح.

وهناك دورٌ إعلاميٌّ لا يمكن إغفالُه كذلك، وهو أن يتحوَّلَ كل فردٍ إلى وسيلةٍ إعلاميةٍ، يعرض آخرَ التطورات والمستجدات للقضية أمام عموم الناس، ويبيِّن لهم حقيقةَ الأمور، وينشر آراءَ المجاهدين الفلسطينيين التي يسمعها أو يراها في مختلف وسائل الإعلام.

سادسًا: الضغط على صانعي القرار: وذلك بعَرْضِ المطالبِ العادلة للمقاوِمين الفلسطينيين على كلِّ منظمات المجتمع المدني والرسمي والتحرك الشعبي الجاد؛ حتى نمثِّلَ أداةَ ضغطٍ على صانعي القرار العربي الرسمي في علاقاتهم ومفاوضاتهم فيما يخصُّ القضيةَ الفلسطينية.

فالتحرُّك الشعبي هو المعبِّر الحقيقي عن إرادة الأمة وضميرها بل ومستقبلها، لذا فعلينا عدم التهوين من الإرادة الشعبية للضغط على صانعي القرار للتحرك في الاتجاه الصحيح لما يحقق مصالح الأمة.

سابعًا: التحرك الفردي: إن القضيةَ الفلسطينيةَ هي القضية الإستراتجية والمحورية لكلِّ مسلم غيورٍ محبٍّ لدينِه، ولا بد لكلٍّ منَّا أن يبحثَ عن دورٍ خاصٍّ له ينصر به فلسطين في حدود إمكاناتِه الشخصية والفردية؛ حتى يعذر إلى الله عز وجل، فالمسئولية فردية، ولا بد أن نفرغ وسعنا- كلٌّ على قدر طاقته- حتى تكونَ القضية شاغلةً فكرَنا، ولتبين مدى ما تمثِّله القضية من خريطةِ اهتماماتِنا الشخصية.

وفي النهاية لا بد أن ندركَ أنه مهما بذلنا وضحينا وبذلنا من جهد فلن يساويَ ليلةً واحدةً يعيشها أطفال فلسطين تحت الذلِّ والهوانِ والحصارِ وانعدام أبسط وسائل الحياة، ومع ذلك يقاومون ويجاهدون ويبذلون ويضحون.. فلنعِ الدرس من أطفال فلسطين ولا نستكثر ما نبذله من جهد ووقت ومال، فهناك من يبذل فوق هذا.. نفسه وأهله في سبيل الله.

ليست هناك تعليقات: